تقول الدكتورة هبة عيسوى، أستاذ الطب النفسى والتواصل عند الأطفال عن انتشار الخوف والاغتراب وفقدان الهوية عند الأطفال: "هذا الموضوع أصبح منتشرا بصورة واضحة وهو أمر مقلق للغاية لأن الهدف الرئيسى من تربية الأطفال هى تنشئة شاب وفتاة أسوياء نفسيا نافعين للمجتمع ولأنفسهم، والخوف عند الأطفال له أسبابه، فمن الممكن أن يكون الطفل غير شاعر بالأمان داخل الأسرة، فيبدأ فى عمل خوف مفتعل يجذب به اهتمام الوالدين أو المعلمة فى المدرسة".
وتشير دكتورة نبيلة قائلة: "إن الخوف عند الأطفال له انعكاسات سلوكية مثل كثرة رسوب الطفل فى المدرسة، فنبدأ بالبحث وراء هذا الطفل، فهل عنده إحدى مشاكل صعوبات التعلم، وما التغيرات التى طرأت عليه؟ قد نجد أنه سمع مشادة كلامية بين الأب والأم مثلا فأثرت عليه بصورة سلبية، ونجد أيضا أننا غير حريصين على رعاية أبنائنا بما يكفى، فالحياة مليئة بالمشغولات والمشاكل التى شغلتنا عن أطفالنا، والتى حالت بيننا وبين أطفالنا ومنعتنا من الاهتمام بهم، فإذا كان لدينا طفل يخاف بصورة غير طبيعية لماذا لا يبدأ الأب والأم فى البحث فى أوراقه أو كتبه المدرسية أو الكمبيوتر الخاصة بت، فقد نجد فيه ما يدلنا على الشىء الذى يجعله يستيقظ من النوم مفزوعًا واستمراره فى البكاء والصراخ، هذا نوع من الأطفال، هناك نوع آخر يذهب ليحكى لأحد والديه عن الأشياء التى يخاف منها فقد يقابله بعدم اهتمام من جانب الأب، فلماذا لا نجلس معه ونناقشه فى هذا الشىء، وابدأ فى تفهيمه للموقف نفسه واجعله يفكر فى الأشياء بصورة منطقية كإحدى العمليات العقلية التى يمكن أن يستخدمها لمواجهة مشاكله المستقبلية، وفى حالة استخدام الأب لجملة (لازم تنسى هذا الموقف أو هذا الشىء) فلابد أن يتأكد هذا الأب أن ابنه سوف يظل هذا الشىء عقيدة راسخة فى عقله يخاف منها طوال حياته، ويمكن لهذا الأب أن يساعد ابنه فى اختفاء هذا الخوف نهائيا عن طريق أخذ الطفل إلى الشىء نفسه، وتعريفه عليه أكثر بكل جوانبه الإيجابية والسلبية، وإن أمكن رؤية الطفل لهذا الشىء وترك الطفل يتحدث كما يشاء، حتى أتعرف على ما يدور بداخله من جانب هذا الشىء وتحديد مدى أفكاره تجاهه".
وتضيف دكتورة نبيلة قائلة: "فى هذه الأيام نرى أيضا اغتراب الأطفال منتشر بدرجة كبيرة وهم بداخل أسرتهم فنلاحظ عدم وجود أحد يستمع إلى هذا الطفل وإلى مشاكله، فعندما يأتى الطفل من المدرسة ويريد أن يحكى شيئا مهما للأم نجد الأم تقابل هذا بعدم اهتمام أو باستخدام عبارة (طيب بطل كلام عشان أخلص اللى عندى)، فما المشكلة عند هذه الأم أن تستمع إلى ابنها وهى تنجز عملها؟ فلماذا لا تقتنع هذه الأم بأن طفلها هو المراية الحقيقية لسلوكياتها؟ فإذا أرادت أن تعرف إذا كانت تصرفاتها صح أم خطأ تشاهد كم مشاكل أطفالها، لأنه إذا كان سلوك أطفالى يحتوى على خوف أو اغتراب أو فقدان هوية أو مستوى تعليمى متدنى أدرك تماما أن السبب الرئيسى هو أنا وليس ابنى، لأن الطفل مرآتى والتى تعكس سلوكى معه. فعلينا أن نستمع إلى أطفالنا بكثرة مهما كانت همومنا ومشاغلنا ومشاكلنا لأنه لا يوجد أهم من أولادنا".
الكاتب: أمنية فايد
المصدر: موقع اليوم السابع